تعديل

jeudi 1 août 2013

جريمة في حجرة نوم المليونير والحسناء !!


عاش إيهاب حياته مسالما يكره العنف ويلعن الاختلافات ويكفر بالتعصب والتآمر والخيانة.. يعشق الفطرة وقانون الرومانسية.. لكنه لم يكتسب مالا إلا نادرا.. بل تعددت خسائره وصدماته وخيبة أمله في الحياة والناس والمشاعر الكاذبة والقلوب النصابة!..

ذاق الأمرين من كيد النساء.. والرجال أيضا..!

عندما كان طفلا يتيما محروما من حنان أمه أصر والده على انتزاعه من حضانة جدته انتقاما منها لخلافات سابقة بينهما قبل وفاة المرحومة.. عاش مع زوجة أبيه وتحمل عذابها حتى شب عوده وصار شابا فإذا بها توقع بينه وبين والده وقيعة لا غفران منها ولا تسامح.. زرعت الشك في قلب زوجها.. أوهمته أن ابنه المراهق يمطرها بنظرات الإعجاب الجائعة.. أكدت لزوجها أنها لم تعد تعيش في البيت بحريتها.. وتضطر لستر جسدها.. والاستغناء عن قمصان نومها.. نجحت بمهارة في استصدار حكم ظالم بطرد الابن المظلوم من بيت أبيه..

حاولت خالات إيهاب وعماته رأب الصدع بين الأب وابنه وإزالة الشكوك والافتراءات دون جدوي.. بكي إيهاب بحرقة حينما كشف والده عن الاتهام الظالم.. طلب الابن من عماته وخالاته حق اللجوء العائلي حتى يحصل على شهادة الثانوية العامة.. ترددت العمات وتنافست الخالات على إيهاب وفازت به إحداهن.. عاش في بيتها كسير الخاطر.. ذليل النفس.. يشعر أن الدنيا كلها تشير نحوه بأصابع الاتهام.... كتم انفعالاته وفوض أمره إلى الله حتى حصل على الثانوية العامة والتحق بالجامعة وسكن في مدينتها مع زملائه المغتربين.. وكان أكثرهم اغترابا رغم انتمائه إلى سكان العاصمة!

..ودارت الأيام!
تخرج إيهاب من الجامعة.. قرر أن يعمل في أي وظيفة حتى يحرر خالته من عبء الإنفاق عليه.. بحث في كل مؤسسات القطاع الخاص الكبيرة والصغيرة عن فرص عمل.. وقبل أن يصيبه اليأس فوجيء بفرصة عمره.. صاحبة أحد الملاهي الليلية اختارته ليعمل جرسونا لزبائن الليل، خاصة وإيهاب يتمتع بوسامة لا تنافس وملامح تريح الأعصاب وهدوء لا يستفز.. شكرها إيهاب واستأذنها في المبيت بالملهي.. اسقط في يدها.. سألته أين يقيم.. وأجابها دون تردد "أنا شاب بلا عنوان"  !! ..

 طلبت إليه ان يجلس.. سألته عن حياته، حكي لها قصته.. كلما حاول الإيجاز شجعته على التفاصيل.. مسحت دموعها بعد ساعتين وراحت تؤكد له إن الدنيا لا تكشر عن أنيابها كل الوقت.. وأن قانون التوازن البيئي كما يقدم القلوب القاسية فلابد أن هناك قلوبا حانية.. نظر إليها طويلا..

تذكر أمه التي نسي ملامحها وبقي عطفها قابعا في أعماقه.. حاول أن يستأذن وينصرف.. لكنها تمسكت ببقائه للعشاء معا.. اندهش العاملون في الملهي لطول اللقاء.. تساءلوا ما الذي جمع بين العجوز التي جاوزت الستين عاما والشاب المهذب كل هذا الوقت.. تخوفوا أن تعينه مديرا  فيكشف الانحرافات المالية.. أو تصنعه زوجا لنفسها طالما أنها تتعامل مع الجميع بغرور الماضي يوم كانت مطربة استعراضية يلحس جمالها عقول الرجال.. 

البعض حسد إيهاب لو أنه صار زوجا لمدام "سمسمة" التي جمعت ثروة هائلة من عشاق الليل والسهر وزبائن الملاهي.. والبعض أشفق على إيهاب من أنياب سمسمة التي عذبت في ماضيها رجالا وأزواجا، منهم من مات محسورا.. ومنهم من ختم حياته في السجون، فالعصمة دائما في يدها.. وربما عادت ريما لعادتها القديمة! 

تكررت اللقاءات حتى أدمنت "سمسمة" جلسات إيهاب وحواراته وتعليقاته ورقة مشاعره وحلاوة لسانه وفتوة شبابه.. وبينما شعر إيهاب أنها رمز الحنان المفقود طوال عمره.. شعرت هي انه يمثل الطهر والنقاء والصفاء وكل المعاني التي عاشت حياتها محرومة منها.. لكن إيهاب اختفي فجأة.. جاءه الوسطاء ليصلحوا بينه وبين أبيه المريض بعد أن طلق زوجته الخائنة وتأكد من براءة ابنه.. طار إيهاب إلى أبيه.. ارتمي فوق قدميه فوق فراش المرض تنهمر عليهما دموعه.. لكن الأب لم يفارق الحياة إلا بعد فترة  عاشها يحتضر تارة ويعتذر لوحيده تارة أخرى !
 
جن جنون "سمسمة".. ذهبت بنفسها إلى بيت الأب.. أدهشها أن إيهاب بدأ يفكر في الإقامة ببيت والده ويبحث عن عمل بالمؤهل الذي يحمله.. الصدمة كانت مروعة على سمسمة  لكنها لم تندفع  وراحت تغير من استراتيجيتها باعتبارها من جنرالات النساء في حروب الرجال. دربتها الايام وحنكتها السنون !

أصدرت قرارا بتعيين إيهاب مديرا عاما للملهي ثم بدأت تقلل من اهتمامها به.. منحته مرتبا خياليا واعتكفت في بيتها.. نجحت الخطة بسرعة مذهلة.. اتصل بها إيهاب.. تردد عليها.. أيقن اخيرا أنه اعتاد عطرها النفاذ .. وصوتها الذي بات يجمع بين الأنوثة المذاب فيها طعم شبابها القديم وعمق النداء الذي لا يسمعه غير رجل واحد!..

وقع في غرامها رغم كل ما عرفه عن ماضيها الذي بدأته راقصة  ومطربة مغمورة وأنهته بثروة هائلة وإن لم تحقق الشهرة التى كانت تحلم بها ويتوقعها الكثيرون لها فى الوسط الفنى  ..لكن عن نجوميتها بين عشاق الليل حدث ولا حرج ! كان ايهاب يدرك أن حبه لها ليس سوي وسيلة يبدأ بها حياة الثراء!

تزوج إيهاب من سمسمة.. كانت الصفقة متكافئة.. منحها الشباب الذي لا يقدر بمال .. ومنحته الثراء الذي يحلم به  الشباب!.. تفنن ايهاب فى الاخلاص لها وضحت هى من اجل سعادته بكل ما تملك .. كلاهما كسب ثقة الاخر .. خلال سنوات قليلة صار ايهاب صاحب الكلمة العليا .. لكنه لم يتمرد على سمسة التى تنازلت له عن كل شئ بطيب خاطر .. هى اعتبرته النهاية السعيدة لحياة كانت مليئة بالغش والخداع ونهب مجانين الليل.. وهو اعتبرها المحطة التى يجب ان ينطلق منها الى الصفوف الاولى بعد ان ينجح فى مشروعه الاخير .. سألته هى عن مشروعه الذى كان يتردد فى عرضه عليها .. وانتهز الفرصة وصارحها برغبته فى ان تتطهر معه من الماضى .. انهمرت دموعها وفتحت قلبها له .. صارحته هى الاخرى بأن عذاب  ضميرها هو العقبة الوحيدة امام احساسها بالسعادة الكاملة .. وتخشى ان تلقى ربها فتكتشف انها من المغضوب عليهم ! .. ودون ان ينقطع بكاؤها استطردت تصارحه انها اخفت عليه ترددها على كبار الاطباء الذين اكتشفوا مرضها الخطير ..

 وفاجأها ايهاب بأنه على علم بكل ما قالته وانه هو الاخر يريد ان يريح ضميره ويهدم الماضى كله ويبنى فوق انقاضه .. ومضى بهما الليل حتى اتفقا على بيع الملهى واقامة مسجد صغير و مصنع للحلوى بمشاركة صديق ايهاب السورى المتحمس للفكرة !

نجح المشروع نجاحا مبهرا فى القاهرة ودمشق !!
لكن سمسمة تودع الحياة.. فارقتها الروح وهى بين يدى ايهاب تقسم له انها عاشت بحبه الطاهر اكثر مما تستحق من سعادة .. وانه الرجل الوحيد الذى كانت امرأته قولا وفعلا بينما كان عشرات المعجبين بها لا ينالون منها اكثر من وعود باعتها لهم بألاف الجنيهات ! .. بكاها ايهاب طويلا .. احتفظ لها بصورة كبيرة تواجه مكتبه الفخيم داخل المصنع الشهير  !

ومرت الايام ..!!  
ذات مساء انتبه المليونير ملك الحلوى على اعلان لمصنعه بالتليفزيون.. فتاة صغيرة رائعة الجمال .. طاغية الانوثة .. ظالمة الفتنة .. كانت تقدم الاعلان الذى نال شهرة مدوية ! .. شعر ايهاب برغبة جارفة فى لقاء الفتاة التى سحرت عيون المشاهدين .. لقد سمع عن بطلة اعلاناته كثيرا لكنه لم يرها الا الليلة .. اتصل بمدير الدعاية بشركته وطلب منه ان تحضر الفتاة لمكتبه لتتسلم مكافأة خاصة .. وبسرعة حضرت الفتاة من الصباح الباكر وليتها ما حضرت !!

كانت علياء اجمل مما ظهرت على الشاشة الصغيرة .. انوثة فقد معها ايهاب السيطرة على اتزانه .. شعر للمرة الاولى فى حياته ان فى الدنيا نساء لا يشعر الرجال برجولتهم الا امامهن ! .. وقرأت فتاة الاعلانات عيون المليونير .. وحددت هدفها بوضوح .. وسقط ايهاب سريعا فى قبضة الساحرة الصغيرة .. ونجحت النجمة الواعدة فى كل الاختبارات التى وضعت فيها المليونير العاشق .. وافق ان يرفع صورة سمسمة من مكتبه واحتفظ بصورة صغيرة لها فى حافظة نقوده ! ..

اشترى فيلا خاصة باحدى المدن الساحلية لتكون عشا للزوجية كما اشترطت علياء .. وتحدد الزفاف الاسطورى بعد ستة شهور .. وجرت الاستعدادات على قدم وساق .. وتولت علياء الاشراف على تجهيز بيت الزوجية بالمدينة الساحلية حتى ينهى ايهاب اعماله فى القاهرة .. لكن حدث مالم يخطر على بال أو خاطر ! .. ذات صباح اتصل خفير الفيلا من المدينة الساحلية بايهاب وفجر المفاجأة .. ابلغه ان شابا بالطابق الثانى مع الهانم ويبدو انه دخل الفيلا بعد ان شغلت  الهانم الخفير ببعض المهام بالباب الخلفى !!! ..

جن جنون ايهاب .. طار الى المدينة الساحلية .. نفذ الخفير ما طلبه ايهاب بالحرف فأغلق مداخل ومخارج الفيلا .. وصل ايهاب كالمجنون .. صعد الى الطابق الثانى على اطراف اصابعه .. نظر من    ثقب باب الحجرة المعدة لليلة الزفاف فرأى وسمع ما يشيب له شعر الرجال !! .. لم يتمالك نفسه .. اخرج مسدسه .. اطلق عيارا نحو كالون الباب فانفتح عن المشهد المرعب .. خرجت ثلاث رصاصات هشمت رأس علياء فى لحظة واحدة .. وقفز صديقها من النافذة فسقط عاجزا عن الحركة !!.. وبكل هدوء اتصل ايهاب بالشرطة !!

قبل انتهاء التحقيق مع المليونير ملك الحلوى وقع الزلزال الشهير بمصر .. انشغل الاعلام والرأى العام بكارثة الزلزال ولم يهتم احد بمصرع نجمة الاعلانات التى لفتت الانظار فجأة .. وغابت فجأة ايضا عن الاضواء وعن الحياة !!

اما المليونير الذى نزل باحد عنابر سجن الحضرة فلم يستفد من مادة الدفاع عن الشرف لأن القتيلة لم تكن زوجته او قريبة له .. لكن المحكمة اخذت بعين الاعتبار انها كانت زوجة محتملة ! ..

وظل ايهاب يكتب داخل زنزانته قصته مع اليتم والثراء وسمسمة ونجمة الاعلانات حتى كانت المفاجأة الاخيرة .. مات ذات صباح وهو يقرأ لزملاء الزنزانة اخر ما كتبه !! .. ولم يجدوا له وريثا لامواله ومصانعه .. وظلت الحافظة التى كان يحتفظ بها والاوراق التى كتبها فى قسم الامانات بالسجن ! .. 

يقول مأمور السجن :الحافظة لم يكن بها نقود .. فقط صورة امرأة فى خريف العمر ويبدو انها سمسمة التى كتب عنها معظم سطور مذكراته !!


0 commentaires:

Enregistrer un commentaire

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More