تعديل

Affichage des articles dont le libellé est News. Afficher tous les articles
Affichage des articles dont le libellé est News. Afficher tous les articles

dimanche 4 août 2013

''سامسونج'' تقدم مجموعة جديدة من التليفزيونات الذكية

كشفت اليوم سامسونج للإلكترونيات،  النقاب عن موديلاتها الجديدة من التلفزيونات الذكية لعام 2013، لتقديم جيلاً متطوراً وغير مسبوق من التلفزيونات الذكية للمستخدمين وعملاء الشركة في مصر.

يأتي إطلاق الموديلات الجديدة في إطار سعي سامسونج الدائم لخلق تجربة جديدة وثرية لكل المستهلكين، عن طريق فهمها العميق للسوق، وإصرارها المستمر على اكتشاف المزيد من الابتكارات بما يخدم هذا التوجه.      

يعلق دوك بارك- العضو المنتدب لشركة سامسونج مصر على طرح الموديلات الجديدة بقوله "تفخر سامسونج بقدرتها على فهم مستهلكيها وأساليب حياتهم المختلفة، وبالتالي توفير الحلول التكنولوجية المتطورة التي تلبي احتياجاتهم المتغيرة باستمرار. إنّ موديلات التلفزيونات الذكية لعام 2013 تضع تعريفاً جديداً لتجربة تلفزيونية غير مسبوقة، وتعكس التزامنا بتخطي توقعات عملائنا، حيث نقدم لهم ليس فقط ما يرغبون فيه، بل ما يحلمون به أيضاً."          

ويمنح تلفزيون سامسونج الذكي الأحدث للعميل خصائص ومزايا تكنولوجية فريدة تتيح له استكشاف المحتوى بكل سهولة، مع التحكم التلقائي السلس في الوظائف، وإمكانية تعديل إمكانيات التلفزيون لتوافق السمات الشخصية للمستخدم. إنّ تلفزيونات سامسونج الذكية الجديدة تفتح عالماً جديداً من الإمكانيات المتطورة في مجال الترفيه المنزلي لا تتوافر في أية تلفزيونات أخرى.

وتتضمن موديلات هذا العام الموديل الجديد F8000 LED TV، وهو أول تلفزيون ذكي من سامسونج يتضمن معالج بيانات (بروسيسور) رباعي النواة. ويتوافر هذا الموديل الجديد في مقاسات متعددة حتى 75 بوصة، كما يتميز هذا التلفزيون بسمكه الرفيع للغاية، وإطاره الخارجي الذي لا يزيد عن ربع بوصة، وحامل التلفزيون على شكل قوس رائع الجمال، مما يجعله يبدو كما لو كان معلقاً في الهواء.            

تقدم سامسونج أيضاً تلفزيونها الجديد 85S9 UHD TV فائق الوضوح بقياس 85 بوصة، ويتميز بتصميمه بالغ الروعة، والذي يتخطى حاجز الزمان والمكان، ويضع معايير جديدة للدقة والعناية بالصنعة. يتميز التلفزيون الجديد بإطاره الفريد، بحيث يتحرك التلفزيون بحرية تامة داخله.    

إن تلفزيون سامسونج UHD TV 85S9 يتميز بصورته فائقة الجودة بمعدل وضوح يصل إلى 4 أضعاف درجة الجودة عند المشاهدة بتقنية Full HD، وهو ما يوفر أعلى درجة ممكنة من الوضوح والنقاء للصورة المعروضة. يتضمن هذا الموديل أيضاً محرك متطور يتيح تحويل الصورة أوتوماتيكياً من تقنية HD وFull HD إلى تقنية الرؤية فائقة الوضوح بتكنولوجيا UHD، وهو ما يمنح المستهلك عالماً جديداً وإمكانيات غير محدودة للتجربة التلفزيونية. يتيح التلفزيون أيضاً لأول مرة إمكانية قراءة ملفات الفيديو المضغوطة بامتداد HEVC، بما يمنح سرعة أكبر في مشاهدة مقاطع الفيديو حتى مع سرعة الإنترنت المنخفضة.    

قامت سامسونج أيضاً بإعادة تصميم النظام الذكي المتكامل (Smart Hub) للموديلات الجديدة، وهو النظام المسئول عن تنظيم محتوى التلفزيون، حيث تم تصميمه في شكل قوائم محددة وواضحة وديناميكية توفر للمشاهد أسلوب سهل لاكتشاف التلفزيون والاستمتاع بتجربة مشاهدة رائعة. وتتضمن القوائم كل من التطبيقات، والصور، والفيديوهات والموسيقى، ومواقع التواصل الاجتماعي. تم تطوير تلك القوائم باستخدام الخصائص المتطورة للتحكم في الوظائف عن طريق الحركة، بحيث يتم تصفح القوائم بمتعة وسلاسة عبر حركة واحدة.            

يمكن أيضاً توصيل الهواتف الذكية وأجهزة التابلت على التلفزيون الجديد، بحيث يمكن استخدام أجهزة سامسونج الأخرى باعتبارها جهاز ريموت كونترول، أو المشاهدة الفورية لمحتوى التلفزيون أو مشغل الـ Blu-ray على شاشة أخرى مثل التابلت، واصطحاب الجهاز أينما ذهبوا في المنزل.  

بالإضافة لذلك، وكما وعدت في عام 2012، تقدم سامسونج هذا العام برنامج تطوير المحتوى 2013 (Samsung Evolution Kit). فعند تركيب البرنامج على التلفزيون الذكي، يتمكن المستخدم من تحديث نظام تشغيل تلفزيون سامسونج الذكي، بما فيها معالج البيانات رباعي النواة، والنظام الذكي المتكامل، بغض النظر عن موديل هذا التلفزيون الذكي.

عمرو دياب يطرح ألبومه الغنائي الجديد بعد عيد الفطر

حدد المطرب عمرو دياب، مبدئيا ، أجازة عيد الفطر موعدا لطرح ألبومه الجديد الذي لم يعلن عن عنوانه بعد والذي تأجل طرحه عدة مرات بسبب الأوضاع السياسية في مصر.

وكتب أحمد زغلول مدير أعمال عمرو دياب على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أن: "موعد طرح الألبوم سيكون بعد عيد الفطر بأسبوع على أقصى تقدير والموعد مازال مرهونا بحالة الشارع وحفل عيد الفطر قد يتضمن أغاني من الألبوم الجديد".

ويضم ألبوم عمرو دياب الذي تنتجه شركة روتانا 12 أغنية وتعاون فيه مع عدد من الشعراء بينهم مجدي النجار وبهاء الدين محمد ولحن دياب بنفسه أربعة من أغنيات الألبوم الذي تولى توزيعه الموسيقي أسامة الهندي وعادل حقي.

بينما قررت شركة "نجوم ريكوردز" المنتجة لألبوم المطربة المصرية شيرين عبدالوهاب تأجيل طرح الألبوم الجديد لما بعد عيد الفطر بسبب الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد.

في حين يرجح كثيرون أن سبب تأجيل طرح الألبوم الذي يعد الأول لشيرين مع "نجوم ريكوردز" بعد انفصالها عن روتانا هو الابتعاد عن منافسة ألبوم عمرو دياب الذي بات طرحه في العيد مؤكدا.

وطرحت شركة "فري ميوزيك" للإنتاج الألبوم الغنائي الجديد للمطرب المصري بهاء سلطان بعنوان "بندور ع السعادة" للبيع على شبكة الإنترنت من خلال المتاجر المعتمدة مثل "آي تيونز" قبل أيام من حلول عيد الفطر.

وقال المنتج المصري نصر محروس في بيان وصلت نسخة منه لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه يعتبر التجربة "تحديا صريحا لقراصنة الإنترنت بعد أن أصيبت صناعة الموسيقى بالركود مما جعلنا نفكر في إضافة أفكار جديدة لمحاربة القراصنة بنفس سلاحهم وإحداث نقلة جديدة في الصناعة".

ويضم الألبوم مجموعة من الأغاني التي تناقش موضوعات اجتماعية منها "بندور ع السعادة" و"بدعي يارب" و"غريب الإنسان" و"صعبان علي قلبي" و"الشيطان".

وعمل بهاء سلطان في الألبوم مع عدد كبير من المؤلفين منهم محمد عاطف وحسن عطية وملاك عادل وخالد الشيباني ورفيق نجيب والملحنين رامي جمال ومحمد يحيى وتامر علي ومدين وأحمد العتباني ووائل عقيد وأحمد محيي ومحمد أنور ومحمد راجح.

تصوير ثلاثة أجزاء جديدة لفيلم ''أفاتار''

أعلن جيمس كاميرون مخرج فيلم ''أفاتار'' الذي حقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما، أمس الخميس أنه سيتم زيادة أجزاء الفيلم الجديدة إلى ثلاثة بدلا من اثنين كما كان مخططا من قبل، حسبما أعلنت مجلة ''فاريتي''.
 
 وسيتعاون كتاب السيناريو جوش فريدمان وريك جافا وأماندا سيلفر وشين ساليرنو مع كاميرون في كتابة سيناريوهات ''أفاتار 2'' و''أفاتار 3'' و''أفاتار 4''.
 
 وسيتم تصوير الأجزاء الثلاثة في نفس الوقت اعتبارا من العام المقبل على أن يعرض ''أفاتار 2'' على الشاشات في كانون أول/ديسمير 2016، وسيعرض الجزءان الآخران أحدهما بعد عام والآخر بعد عامين من ذلك التاريخ.
 
 وكان ''أفاتار'' الذي حقق أعلى إيرادات في تاريخ صناعة السينما قد حقق 7ر2 مليار دولار في جميع أنحاء العالم.

samedi 3 août 2013

اغرب حادثة انتحار وقتل


قد لا يصدق البعض هذه القصة لكثرة ما فيها من صدف غريبة، كما أن أحداثها تصلح لإثارة أكثر العقول إيمانا بأنها رأت وسمعت ما يكفي وأن ليس هناك ما يثير، غير قصص الخيال العلمي في السينما والتلفزيون. وقد كانت أحداثها الغريبة موضوع خطبة ألقاها رئيس «جمعية علماء التشريح في جرائم القتل» بأميركا، وأثارت دهشة مستمعيه في ذلك الحفل، ويفترض أنهم رأوا الكثير، ليس بسبب صدفها العجيبة فقط، بل ولتعقيداتها القانونية، فهي قصة جريمة قتل غير مسبوقة، ولا يمكن أن تتكرر بسهولة مرة أخرى.



في 23 مارس 1994 بين تقرير تشريح جثة رونالد أوبوس أنه توفي من طلق ناري في الرأس، بعد أن قفز من سطح بناية مكونة من عشرة طوابق، في محاولة للانتحار، تاركا خلفه رسالة يعرب فيها عن يأسه من حياته، وأثناء سقوطه أصابته رصاصة انطلقت من إحدى نوافذ البناية التي قفز منها، ولم يعلم المنتحر أو من أطلق النار عليه وجود شبكة أمان بمستوى الطابق الثامن، وضعها عمال الصيانة، وكان من الممكن أن تفشل خطته في الانتحار.


من الفحص تبين أن الطلقة التي أصابته انطلقت من الطابق التاسع. وبالكشف على الشقة تبين أن زوجين من كبار السن يقطنانها منذ سنوات، وقد اشتهرا بين الجيران بكثرة الشجار، ووقت وقوع الحادث كان الزوج يهدد زوجته بإطلاق الرصاص عليها إن لم تصمت، وكان في حال هيجان شديد بحيث ضغط من دون وعي على الزناد فانطلقت الرصاصة من المسدس، ولكنها لم تصب الزوجة بل خرجت منالنافذة لحظة مرور جسد رونالد أمامها فأصابت في رأسه مقتلا!


والقانون ينص على أن «س» مدان بجريمة قتل إن هو قتل «ج» بدلا من «ك» من الناس، وبالتالي فالرجل العجوز هو القاتل، حيث ان شبكة الأمان كان من الممكن أن تنقذ حياة رونالد من محاولته الانتحار!!


وعندما ووجه الرجل بتهمة القتل غير العمد أصر هو وزوجته على أنهما دائما الشجار، وقال الزوج انه اعتاد على تهديد زوجته بالقتل، وكان يعتقد دائما أن المسدس خال من أي قذائف، وأنه كان في ذلك اليوم غاضبا بدرجة كبيرة من زوجته فضغط على الزناد وحدث ما حدث.


بينت التحقيقات تاليا أن أحد أقرباء الزوجين سبق أن شاهد ابن الجاني، أو القاتل، يقوم قبل أسابيع قليلة بحشو المسدس بالرصاص. وتبين أيضا أن زوجة الجاني سبق ان قامت بقطع المساعدة المالية عن ابنهما، وأن هذا الأخير قام بالتآمر على والديه عن طريق حشو المسدس بالرصاص، وهو عالم بما دأب عليه أبوه من عادة تهديد أمه بالقتل عن طريق ذلك المسدس الفارغ، فإن نفذ تهديده مرة واحدة فسيتخلص من أمه وأبيه بضربة، أو رصاصة واحدة. وحيث أن نية الابن كانت القتل فيصبح بالتالي متورطا في الجريمة حتى ولو لم يكن هو الذي ضغط على الزناد، أو استخدم أداة القتل! وهنا تحولت تهمة القتل من الأب إلى الابن لقتله رونالد أوبوس.


ولكن استمرار البحث أظهر مفاجأة أخرى، فالابن المتهم لم يكن غير المنتحر، أو القتيل رونالد اوبوس، فهو الذي وضع الرصاصة في المسدس ليقوم والده بقتل والدته، وعندما تأخر والده في تنفيذ وعيده، وبسبب تدهور أوضاعه المادية قرر الانتحار من سطح البناية لتصادفه الرصاصة التي أطلقها والده من المسدس الذي سبق ان لقمه بالرصاصة القاتلة، وبالتالي كان هو القاتل وهو القتيل في الوقت نفسه، بالرغم من انه لم يكن من أطلق الرصاص على نفسه، واعتبرت القضية انتحارا، وعلى هذا الأساس أغلق ملفها.


***
• قصة واقعية مترجمة


vendredi 2 août 2013

مجد الريماوي.. انتصار آخر للأسرى خلف القضبان


أمل جديد وانتصار آخر للمسجون على السجّان، حققه الأسير الفلسطيني عبد الكريم الريماوي (37 عاما) من داخل معتقله في سجن نفحة الإسرائيلي، بعد أن نجح بتهريب حيواناته المنوية قبل نحو عام ليروا هو وزوجته ليديا الريماوي طفلهما مجد وتغمرهم الفرحة رغم الألم.
وفي مركز رزان لعلاج العقم بالمشفى العربي بنابلس شمال الضفة الغربية، حيث أجريت كافة العمليات، كانت ليديا (34عاما) على موعد لوضع طفلها مجد في ثاني حالة ناجحة للأسرى بتهريب نطفهم وإنجاب أطفالهم من خلف القضبان.
وما إن سمحت حالتها بلقائنا، حتى رأيناها تحتضن طفلها، ونرى عن قرب حكاية مجد في أسرة قوامها ثلاثة، أسير غائب ووالدة أنهكتها سني الحياة وحدها، وشقيقة لمجد ضامها أن تبقي الوحيدة لوالديها.
وفي غمار فرحتها هذه ووسط زغاريد صدحت بالمكان وابتسامات علت محيا الحاضرين من ذوي الزوج والزوجة، استطعنا أن نسترق بعض الكلمات من ليديا، لتخبر الجزيرة نت عن تجربتها وتقول "زوجي معتقل منذ 12 عاما ويقضي حكما بالسجن 25 عاما، ورند هي وحيدتنا منذ زواجنا، وبات أمل اللقاء بالزوج يخبو كل يوم مع ممارسات الاحتلال وإجراءاته العنصرية".
وكل هذه العوامل مجتمعة دفعت بليديا للقيام بهذه الخطوة بعد أن ترددت لفترة، "لكن حكاية صديقتي دلال (أم مهند) زوجة الأسير عمار الزبن كانت حافزا لي ولغيري من زوجات الأسرى للإقدام على هذا الأمر". 
تحقيق الحلم 

وتقول أم مجد واصفة مراحل نقل النطفة بأنها صعبة للغاية وتمت بحذر شديد وسرية، رغم أنها كانت مترددة بالبداية.
وأضافت أن نجاح تجربة الأسير الزبن كان حافزا لها ولزوجها للقيام بخطوة مشابهة، "ولذا كررت التجربة ثلاث مرات، وتجاوزت كافة المحاذير الإسرائيلية والمجتمعية لتحقيق حلم لطالما راودني وزوجي".
ولم تتوارى أم مجد المنحدرة من بلدة بيت ريما قضاء رام الله عن التضامن مع زوجها والأسرى يوما، مؤكدة أن آخر مشاركاتها كانت ليلة ولادتها.
أما رند (13 عاما) فقد أفضت ابتسامتها كلغة مشتركة للتواصل مع شقيقها مجد إلى دموع فرح غمرت الحاضرين، وزادت مرارة حالهم بقولها "لطالما انتظرتك يا شقيقي، وزاد في شوقي أني دوما تحسست أحشاء أمي سائلة عنك، فأنا لم أعد وحيدة بعد اليوم".
وحققت أربع من زوجات الأسرى حلم أزواجهن بالحمل عقب تجربة مهند الزبن، كانت ليديا أولاهن، فيما تنتظر الثلاث الباقيات الإنجاب خلال الأسابيع القادمة، وفقا لمدير مركز رزان الدكتور سالم أبو خيزران، الذي أكد أيضا نجاح حمل 15 من زوجات الأسرى، إضافة لواحدة من غزة.
ويضيف أبو خيزران أنهم يقومون وعبر آلية معينة بتجميد الحيوانات المنوية للأسرى، وخاصة إذا لم يتجاوز نقلها الوقت المطلوب وهو بضع ساعات، مشيرا إلى أن تجربة الأسير الريماوي هي الثانية التي نجحت، "بينما الحمل تحقق لدى كثيرات".
وأشار إلى أن دورهم إنساني بحت، لا سيما أن دوافع هذا الإنجاب ضرورية، لكون لأسرى يقضون أحكاما عالية بالسجن، وخشية تأخر سن الإنجاب لدى زوجاتهم عقب الإفراج.

الشرع والقانون

وشرعا لا يتعارض الأمر مع هذه القضية، إذا تم ضبطه بضوابط شرعية اتفق عليها مجلس الإفتاء الفلسطيني الأعلى، كما يقول المفتي أحمد شوباش.
وأهم هذه الضوابط وفق شوباش، أن تكون الحيوانات المنوية للأسير ذاته، وأن تكون العلاقة الزوجية قائمة، وأن يكون الأسير يقضي حكما عاليا يتعذر معه الإنجاب بغير هذه الوسيلة، وأن تكون الزوجة مدخول بها، إضافة لإشهار عملية الإنجاب.
وقانونيا تعد هذه المسألة من أهم حقوق الأسرى التي يناضلون من أجلها كما يقول مدير مركز أحرار لدراسات الأسرى وحقوق الإنسان فؤاد الخفش، في ظل بطش حرمان الاحتلال لهم من أبسط حقوقهم كالالتقاء بزوجاتهم وأسرهم.
وأضاف للجزيرة نت أن الاحتلال لا يُؤمن جانبه بأن يوفر خلوة شرعية للأسرى، أو حتى نقل الحيوانات المنوية تحت إشرافه، ولذلك اتجه الأسرى لطرق عديدة لتهريب نطفهم.
وشدّد على أن الاحتلال لا يعترف بالقوانين الإنسانية المحلية والدولية التي تعطي الأسرى حقوقهم بما فيها الإنجاب، "بل يمعن بطرق إذلالهم وانتهاكها".

Losing my religion for equality…by Jimmy Carter

                                                  



Women and girls have been discriminated against for too long in a twisted interpretation of the word of God.
I HAVE been a practicing Christian all my life and a deacon and Bible teacher for many years. My faith is a source of strength and comfort to me, as religious beliefs are to hundreds of millions of people around the world. So my decision to sever my ties with the Southern Baptist Convention, after six decades, was painful and difficult. It was, however, an unavoidable decision when the convention’s leaders, quoting a few carefully selected Bible verses and claiming that Eve was created second to Adam and was responsible for original sin, ordained that women must be “subservient” to their husbands and prohibited from serving as deacons, pastors or chaplains in the military service.

This view that women are somehow inferior to men is not restricted to one religion or belief. Women are prevented from playing a full and equal role in many faiths. Nor, tragically, does its influence stop at the walls of the church, mosque, synagogue or temple. This discrimination, unjustifiably attributed to a Higher Authority, has provided a reason or excuse for the deprivation of women’s equal rights across the world for centuries.

At its most repugnant, the belief that women must be subjugated to the wishes of men excuses slavery, violence, forced prostitution, genital mutilation and national laws that omit rape as a crime. But it also costs many millions of girls and women control over their own bodies and lives, and continues to deny them fair access to education, health, employment and influence within their own communities.

The impact of these religious beliefs touches every aspect of our lives. They help explain why in many countries boys are educated before girls; why girls are told when and whom they must marry; and why many face enormous and unacceptable risks in pregnancy and childbirth because their basic health needs are not met.

In some Islamic nations, women are restricted in their movements, punished for permitting the exposure of an arm or ankle, deprived of education, prohibited from driving a car or competing with men for a job. If a woman is raped, she is often most severely punished as the guilty party in the crime.

The same discriminatory thinking lies behind the continuing gender gap in pay and why there are still so few women in office in the West. The root of this prejudice lies deep in our histories, but its impact is felt every day. It is not women and girls alone who suffer. It damages all of us. The evidence shows that investing in women and girls delivers major benefits for society. An educated woman has healthier children. She is more likely to send them to school. She earns more and invests what she earns in her family.

It is simply self-defeating for any community to discriminate against half its population. We need to challenge these self-serving and outdated attitudes and practices - as we are seeing in Iran where women are at the forefront of the battle for democracy and freedom.

I understand, however, why many political leaders can be reluctant about stepping into this minefield. Religion, and tradition, are powerful and sensitive areas to challenge. But my fellow Elders and I, who come from many faiths and backgrounds, no longer need to worry about winning votes or avoiding controversy - and we are deeply committed to challenging injustice wherever we see it.

The Elders are an independent group of eminent global leaders, brought together by former South African president Nelson Mandela, who offer their influence and experience to support peace building, help address major causes of human suffering and promote the shared interests of humanity. We have decided to draw particular attention to the responsibility of religious and traditional leaders in ensuring equality and human rights and have recently published a statement that declares: “The justification of discrimination against women and girls on grounds of religion or tradition, as if it were prescribed by a Higher Authority, is unacceptable.”

We are calling on all leaders to challenge and change the harmful teachings and practices, no matter how ingrained, which justify discrimination against women. We ask, in particular, that leaders of all religions have the courage to acknowledge and emphasise the positive messages of dignity and equality that all the world’s major faiths share.

The carefully selected verses found in the Holy Scriptures to justify the superiority of men owe more to time and place - and the determination of male leaders to hold onto their influence - than eternal truths. Similar biblical excerpts could be found to support the approval of slavery and the timid acquiescence to oppressive rulers.

I am also familiar with vivid descriptions in the same Scriptures in which women are revered as pre-eminent leaders. During the years of the early Christian church women served as deacons, priests, bishops, apostles, teachers and prophets. It wasn’t until the fourth century that dominant Christian leaders, all men, twisted and distorted Holy Scriptures to perpetuate their ascendant positions within the religious hierarchy.

The truth is that male religious leaders have had - and still have - an option to interpret holy teachings either to exalt or subjugate women. They have, for their own selfish ends, overwhelmingly chosen the latter. Their continuing choice provides the foundation or justification for much of the pervasive persecution and abuse of women throughout the world. This is in clear violation not just of the Universal Declaration of Human Rights but also the teachings of Jesus Christ, the Apostle Paul, Moses and the prophets, Muhammad, and founders of other great religions - all of whom have called for proper and equitable treatment of all the children of God. It is time we had the courage to challenge these views.

jeudi 1 août 2013

سيــــــرة "أديـــــب" لطــــه حسيـــــن بين الذاتي والغيري


تمهيــــــد 

يعد الدكتور طه حسين من أهم كتاب السيرة في أدبنا العربي الحديث سواء أكانت ذاتية أم غيرية، وقد بدأها بالسيرة الدينية كما في كتابه "على هامش السيرة" لينتهي بكتابة السيرة الأدبية الذاتية كما في رائعته "الأيام" أو السيرة الذاتية الغيرية كما في عمله الإبداعي "أديب" علاوة على كتابته المتواصلة لسير المبدعين والأدباء في الأدب العربي القديم والحديث كما في "حديث الأربعاء" و"صوت أبي العلاء" و"ذكرى أبي العلاء" و"مع المتنبي" و"حافظ وشوقي". ويتميز طه حسين في كتابة سيره بأسلوب الإسهاب والاستطراد والإطناب وتمثل مقومات المدرسة البيانية صياغة وكتابة لإثارة المتلقي وتشويقه. كما يطبع كتاباته وسيره الجانب الذهني الثقافي والطابع الإنساني كما في سيرته الممتعة "أديب" التي سنحاول مقاربتها من خلال خصائص الرواية ومرتكزات الخطاب الأوطوبيوغرافي والبيوغرافي إن مضمونا وإن شكلا.

1- عتبـــة المؤلف

ولد عميد الأدب العربي في صعيد مصر سنة 1889م من أسرة متدينة محافظة تحب العلم والعمل كثيرا. ودرس طه حسين في الكتاب وحفظ القرآن الكريم، وانتقل إلى الأزهر بالقاهرة حيث أظهر هناك تفوقا كبيرا في الدراسة وحب العلم، وامتلك ناصية الحوار والجدل والمناظرة، إذ كان يدخل في حوار علمي تجديدي مع شيوخه، في حين كان هؤلاء ينفرون من جدله وملاحظاته؛ مما كانوا سببا في إخفاقه وعدم حصوله على الشهادة العالمية. انتظم بعد ذلك في الجامعة الأهلية وحصل على الدكتوراه في الأدب العربي القديم حول ذكرى أبي العلاء المعري، وقد طبق المنهج السوسيولوجي في رصده لشخصية أبي العلاء تأثرا بأساتذته المستشرقين ولاسيما أستاذه الإيطالي كارلو نالينو. وبعد ذلك أرسل في بعثة إلى فرنسا لمتابعة دراساته الجامعية العليا، وهناك تعرف على حضارة الغرب وانبهر بها انبهارا إيجابيا.
هذا، وقد تفوق طه حسين في دروسه وأبحاثه في فرنسا وعاد إلى بلده بدرجة الدكتوراه حول "الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون". وكان طه حسين من الأوائل الذين درسّوا في الجامعة المصرية بطرق جديدة وبمناهج أكثر حداثة وعصرنة تعتمد على الشك والتوثيق والتحليل العلمي من أجل الوصول إلى اليقين الصحيح، وكان يحاضر في الأدب العربي القديم ولاسيما الجاهلي منه وقد أثار ضجة كبرى بسبب آرائه الجريئة الجديدة كما يظهر ذلك جليا في كتابه القيم "في الشعر الجاهلي". وفصل عن الجامعة وأعيد إليها مرة أخرى. وعين بعد ذلك وزيرا للمعارف المصرية إبان حكومة الخديوي. وتوفي سنة 1973م عن عمر يناهز 84 سنة خصصها طه حسين للكتابة والنشر والإبداع والنقد، ودخل في معارك أدبية عدة مع عباس محمود العقاد ومصطفى المنفلوطي ومصطفى صادق الرافعي....

2- عتبــة العنــوان:

صيغ عنوان هذه السيرة الأدبية في كلمة واحدة وهي خبر مبتدإ محذوف تقديره "هذا أديب"، وبهذا يكون المتن القصصي بمثابة تمطيط وجواب وخبر لهذا المبتدإ الاسمي. ويحيل العنوان على الشخصية المحورية في هذا العمل الأدبي وهو شخص يمارس الأدب، ومهمة الأديب جليلة وصعبة، إذ يضحي صاحبه بنفسه من أجل أن يسعد الآخرين ويبلغ لهم كل ما تجود به قريحته من مخيلات ذاتية وتجارب موضوعية ليستفيد منها القراء والمتتبعون للمنتج الأدبي.
وتلتقط هذه السيرة تجربة أديب مهووس بداء الأدب سيجره إلى الجنون والهلاك والتفريط في مستقبله وتحطيم كل سعادته التي بناها بعمله وصبره وإخلاص الزوجة له:" لست أعرف من الناس الذين لقيتهم وتحدثت إليهم رجلا أضنته علة الأدب، واستأثرت بقلبه ولبه كصاحبي هذا. كان لا يحس شيئا، ولا يشعر بشيء، ولا يقرأ شيئا ولا يرى شيئا ولا يسمع شيئا إلا فكر في الصورة الكلامية، أو بعبارة أدق في الصورة الأدبية التي يظهر فيها ما أحس، وما شعر وما قرأ، وما رأى وما سمع... وكان يقضي نهاره في السعي والعمل والحديث حتى إذا انقضى النهار، وتقدم الليل وفرغ من أهله ومن الناس وخلا إلى نفسه، أسرع إلى قلمه وقرطاسه وأخذ يكتب ويكتب ويكتب حتى يبلغ منه الإعياء وتضطرب يده على القرطاس بما لا يعلم ولا يفهم، وتختلط الحروف أمام عينيه الزائغتين، ويأخذه دوار فإذا القلم قد سقط من يده، وإذا هو مضطر إلى أن يأوي إلى مضجعه ليستريح. ولم يكن نومه بأهدأ من يقظته، فقد كان يكتب نائما كما كان يكتب يقظا، وما كانت أحلامه في الليل إلا فصولا ومقالات، وخطبا ومحاضرات، ينمق هذه ويدبج تلك، كما يفعل حين كانت تجتمع له قواه العاملة كلها. وكثيرا ما كان يحدث أصدقاءه بأطراف غريبة قيمة من هذه الفصول والمقالات التي كانت تمليها عليه أحلامه فيجدون فيها لذة ومتاعا". [1]
ويتسم عنوان هذه السيرة الروائية بالاختصار والإيجاز والتكثيف والتلميح الكنائي، كما يحوي هذا العنوان مكونا شخوصيا على غرار الرواية العربية الكلاسيكية في المنتصف الأول من القرن العشرين حيث كان الروائيون يختارون الأسماء الذكورية والأنثوية عناوين لأعمالهم الأدبية والإبداعية على غرار الرواية الأوربية (مدام بوفاري لستندال مثلا)، ومن بين هذه العناوين الشخوصية في الرواية العربية "سارة" للعقاد، و"زينب" لمحمد حسين هيكل، و"علم الدين" لعلي مبارك، و"ليالي سطيح" لحافظ إبراهيم، و"إبراهيم" و"إبراهيم الثاني" لعبد القادر المازني، و" يوميات نائب في الأرياف" لتوفيق الحكيم و"حكمت هانم" لعيسى عبيد و"عذراء دنشواي" لطاهر لاشين...

3- التعيــين الجنسي:

يندرج النص الذي بين أيدينا ضمن السيرة الروائية أو فن السيرة الأدبية أو ضمن الخطاب الأوطبيوغرافي أو البيوغرافي. ويعني هذا أن "أديب" سيرة أدبية فنية، ولكنها ترجمة غيرية يتولى الكاتب ترجمة الحياة الشخصية لصديق له يمارس حرفة الأدب ويعيش بها انتشاء وافتتانا. ولكن هذه السيرة يتداخل فيها ماهو ذاتي وغيري. أي إن النص سيرة للذات الكاتبة وهو حاضر بأسلوبه وضميره وتعليقاته وكل المؤشرات التلفظية التي تحيل عليه. كما ترصد هذه الذات الكاتبة حياة صديقه الأديب من زاويته الشخصية وعبر الكتابات التي كان يرسلها إليه صديقه في شكل رسائل وخطابات ومذكرات.
وعليه، فهذه سيرة من نوع جديد فهي ليست كالسيرة الذاتية التي نقرأها في"الأيام" لطه حسين أو "حياتي" لأحمد أمين أو "في الطفولة" لعبد المجيد بن جلون أو "حياة سلامة موسى" لسلامة موسى... وهي ليست سيرة غيرية تعتمد على التسجيل والترجمة التوثيقية أو الأدبية، بل النص يجمع بين هذين الفنين، ويعني هذا أن الكتاب سيرة غيرية ذاتية وذلك لتداخل الذاتي في الغيري والعكس صحيح. ومن الأدلة على حضور السيرة الذاتية في الكتاب الارتكاز على ضمير التكلم واستحضار التجربة الذاتية والإحالة على طه حسين في الأزهر والجامعة وباريس، والإشارة إلى عمى الكاتب واستعانته بخادمه الأسود الذي كان يرافقه، وإشارته إلى كثير من معالم قريته في الصعيد وهي نفس الملامح والقسمات التي كانت تشير إليها سيرته الذاتية"الأيام". وتعني هذه المطابقة بين السارد والكاتب أن هذا العمل سيرة ذاتية حيث يسترجع الكاتب فيها حياته الشخصية وعلاقاته مع أصدقائه بطريقة ضمنية حيث ينظر إلى نفسه في مرآة الآخر، ويقارن نفسه بالأدباء الآخرين الذي أودى بهم العبث والانحلال الخلقي إلى الهاوية والجنون ولوثة العقل والهستيريا. ومن الأدلة على كون هذه السيرة ذاتية وغيرية الجمع بين ضميري التكلم والغياب، والانتقال من ذات الكاتب إلى ذات صديقه الأديب:"فقد عرفته في القاهرة قبل أن يذهب إلى باريس، ثم أدركته في باريس بعد أن سبقني إليها. عرفته مصادفة وكرهته كرها شديدا حين لقيته لأول مرة، كنا في الجامعة المصرية القديمة في الأسبوع الأول لافتتاحها وكنت أختلف إلى ما كان يلقى فيها من المحاضرات، حريصا عليها مشغوفا بها معتزما أن لا أضيع حرفا مما يقول المحاضرون. وكان مجلسي لهذا دائما قريبا من الأستاذ." [2]
وعندما ينتقل الكاتب إلى تصوير صديقه الأديب يقوم برصده وتبئيره من خلال منظاره الذاتي ويقدمه من زاوية الغياب، ولكن عبر رؤية ذاتية تتساوى فيها معرفة السارد والكاتب على حد سواء.
ومن مقومات خطاب السيرة في الكتاب حضور ظاهرة الالتفات من خلال الانتقال من ضمير التكلم إلى ضمير الخطاب والغياب على عادة طه حسين في كتابة سيره التاريخية والأدبية، والتماثل بين الراوي والمؤلف الخارجي من خلال تشابه سيرهما تخييلا وتوثيقا، والاعتماد على تقنية الاسترجاع والتذكر في سرد الحياة الشخصية الداخلية لصديقه الأديب ولحياته بطريقة موحية تعتمد على التلميح الضمني. كما تستند السيرة هنا إلى استخدام الزمن الهابط وتفتيت ذاكرة الماضي إلى لوحات فنية تعتمد على فلاش باك وتنوير الماضي على ضوء الحاضر، وتتبع الشخصية في نموها الديناميكي حتى صعودها المادي والمعنوي مع تسجيل مسارات الإخفاق والفوز والانتصار.
وتدل هيمنة الأفعال الماضية على استرجاع الزمن المفقود وتبيان الصراع الذاتي والموضوعي الذي عاشه الأديب في مجابهته للواقع وصراعه مع نوازعه الذاتية. وما المذكرات والرسائل واليوميات المثبتة داخل المتن الروائي سوى أدوات للتذكر والاسترجاع قصد فهم شخصية الأديب وتفسيرها على ضوء الظروف الذاتية والموضوعية التي مر بها.
ويحضر الذهني داخل هذه السيرة على غرار سيرة" أوراق" الذهنية لعبد الله العروي التي يسرد فيها مسار إدريس التربوي والعلمي والثقافي والمعارف التي اكتسبها ومشاركاته الأدبية والنضالية التي كانت تعبر عن مستواه المعنوي وطبيعة ثقافته ورؤيته الإيديولوجية.
ومن خصائص السيرة في هذا النص التذويت والانطلاق من الرؤية السردية التي يتداخل فيها المنظور الداخلي والمنظور الصفري الموضوعي المحايد، أي يزاوج الكاتب داخل نصه الروائي بين الرؤية "مع" والرؤية من الخلف، ويعني هذا أن الكاتب من خلال خاصية الالتفات ينتقل من رؤية محايدة تعتمد على التبئير الصفري لينتقل إلى رؤية ذاتية داخلية، كما ينتقل من ضمير التكلم إلى ضمير الغياب والعكس صحيح كذلك. كما أن الكاتب والشخصية يتناوبان على مسار الحكي، فالكاتب يستعمل السرد في الحكي، والأديب يتكئ على الكتابات والحوار والرسائل والمذكرات واليوميات في إيصال صوته، كأن هذه السيرة بداية للرواية الحوارية العربية إذ نلفي كل شخص يعبر عن وجهة نظره، ويترك الكاتب الحرية للقارئ لكي يختار الرؤية الصحيحة في التعامل مع الحياة والحكم على الشخصية الروائية.
وعلى الرغم من كون هذا العمل الأدبي نصا يجمع بين الأوطوبيوغرافيا والبيوغرافيا، فإننا سنتعامل معه على أنه نص روائي مادام يمتلك كل الخصائص التي تستند إليها الرواية كالمقومات القصصية والسردية علاوة على خاصية التخييل الفني والتشويق الأدبي.

4- عتبــــة الإهداء:

إذا كانت ظاهرة الإهداء معروفة في الثقافة الغربية وأصبحت تقليدا ثقافيا معهودا عند الكثير من الكتاب والروائيين، فإن هذه الظاهرة موجودة كذلك في أدبنا العربي قديما وحديثا، ولكن ليس بالشكل والكم اللذين نجدهما في الثقافة الغربية. ويعد طه حسين من أهم الكتاب الروائيين الذين سبقوا إلى الاهتمام بظاهرة الإهداء كما هو مثبت في بداية سيرته "أديب" حيث يهدي عمله إلى أعز صديق لديه والذي كان بجانبه يواسيه عندما طرد من الجامعة ظلما، وكان أيضا من المهنئين الأوائل عندما أعيد المؤلف إلى الجامعة ليستكمل التدريس فيها. لذلك فالإهداء المثبت في أول الكتاب هو إهداء الصداقة والأخوة وميثاق الوفاء والإخلاص بين المهدي والمهدى إليه. ويرد الإهداء هنا في شكل نص مقطعي تحية للمهدى إليه مليئة بالصدق والمحبة والإخاء والإخلاص.
وسنترك القارئ يتدبر هذا الإهداء ويتفرس معانيه ويتأمل طريقة صياغته والمقصدية التي يرومها من خلال هذا الإهداء الإخواني المعبر:
"أخي العزيز
وددت لو أسميك، ولكنك تعلم لماذا لا أسميك، وحسب الذين ينظرون في هذا الكتاب أن يعلموا أنك كنت أول المعزين لي حين أخرجني الجور من الجامعة، وأول المهنئين لي حين ردني العدل إليها.
وكنت بين ذلك أصدق الناس لي ودا في السر والجهر وأحسنهم عندي بلاء في الشدة واللين.
فتقبل مني هذا العمل الضئيل تحية خالصة صادقة لإخائك الصادق الخالص". [3]

5- المستوى الدلالي والحدثي:

يرصد طه حسين في عمله الأدبي "أديب" سيرة صديق له يمارس الأدب والتفكير من أجل خدمة الناس وإسعادهم. وكان هذا الأديب أعز الأصدقاء إلى الكاتب، إذ عاشره كثيرا منذ افتتاح الجامعة المصرية الأهلية رفيقا وصديقا. وقد تعرف عليه الكاتب داخل حرم الجامعة وخاصة في قاعة المحاضرات؛ لأنه كان يتكلم بصوت جهوري غليظ صاخب؛ مما كان يعرقل عملية الإنصات و سماع الطلبة لأساتذتهم أثناء إلقائهم لدروسهم ومحاضراتهم. وكان الكاتب عاجزا عن متابعة الدروس والسماع إلى الأساتذة في هذا الجو الذي يسوده الضجيج وصخب الكلام والتشويش المتواصل الذي يربك عملية التواصل والتفاهم بين الطلبة وأساتذتهم. وهذا التصرف الشائن الذي كان يصدر من هذا الأديب هو الذي دفع بالطلبة الآخرين إلى الهروب منه وعدم الجلوس في المدرج الذي يجلس فيه، لأنه أصبح مزعجا بثرثرته التي حولت الجد إلى هزل وإزعاج للآخرين. وكان الأساتذة المحاضرون يتدخلون مرارا ليمنعونه من الاستمرار في حديثه الصارخ أو التمادي في كلامه العابث فيسكتونه عنوة ولوما. وهذا ما دفع بهذا الأديب إلى معاتبة الكاتب السارد وأصدقائه من الأزهريين على ماصدر منهم من سلوكيات تسيء إليه، ومن هنا بدأت لحظة التعارف والتفاهم بين الأديب والكاتب.
ويتبين لنا من وصف الكاتب أن صديقه الأديب ذميم الوجه وقبيح المنظر والشكل، وصوته غليظ جدا يثير الرعب والخوف، صاخب في كلامه وثرثار في حديثه، يستعمل الصور الأدبية ويحول الجد إلى الهزل. وهو من أسرة ريفية غنية في أقصى الصعيد، جاوز الثلاثين من عمره، يبدو منحني القامة من شدة القراءة والكتابة، يكتب النثر والشعر معا. كما أنه أتم درسه الثانوي منذ أعوام، واتصل بوزارة الأشغال يعمل فيها كاتبا في بعض الدواوين يقصدها في وجه النهار، أما آخر النهار وجزء غير قليل من الليل فقد خصصه للقراءة والدرس والإبداع والكتابة.
وقرر الأديب أن يعقد صلة وصل ومحبة بينه وبين صديقه الكاتب الذي كان ضرير العين يقوده خادمه الأسود أينما حل وارتحل. وستؤدي هذه الصلة الحسنة بالأديب إلى أن يتخذ زميله الكاتب صديقا له في الدروس وخليلا له يطلعه على حياته الشخصية الخاصة به لما عرف عنه من وفاء وإخلاص ونزاهة وحب علم. وكان يستصحبه الأديب إلى منزله المتواضع الذي يقع في أعالي مرتفعات القاهرة. ويعد أن ينتهيا من لقمة العشاء وشرب الشاي يدخل الصديقان في حوار حول دروس المنطق وأصول الدين والفقه ومادة اللغة الفرنسية التي كان الكاتب يجد فيها صعوبة كبيرة في اكتسابها وتعلمها، وغالبا ما كانت هذه الحلقات الثقافية تتحول إلى مسامرات شخصية لا فائدة منها ولا طائل.
وبعد فترة من الزمن، قررت الجامعة أن ترسل بعثة علمية إلى الخارج لمتابعة دراساتها العليا في فرنسا، وكان الأديب من بين أعضاء البعثة نظرا لكفاءته وتفوقه في امتحان الانتقاء. بيد أن الأديب كان يجابه مشكلا عويصا هو زواجه من حميدة بنت قريته الجميلة التي رضيت الزواج به على الرغم من أن جل فتيات القرية رفضنه لذمامته وقبحه البشع. وهنا يلتجئ إلى الكاتب ليستشيره في هذه القضية العويصة التي أوقعت الأديب في حيرة كبيرة وجعلته معلقا في منزلة بين المنزلتين: الظلم والكذب.
وبعد لأي وجهد في التفكير، اهتدى الكاتب إلى أن يطلق زوجته بدلا من الكذب على الجامعة، لأن الطلاق على الرغم من حكم الكراهية فهو حلال، فأبغض الحلال عند الله الطلاق. لكن صديقه الكاتب رفض هذا الحل واعتبره سلوكا شائنا، وطالبه أن يبقى في القاهرة مع زوجته بدلا من المغامرة والبحث عن العلم في بلدان الغرب، وهذا العلم يوجد حتى في بلده مصر. لكن الأديب رفض وجهة نظره وعزم على الطلاق وصمم على السفر في أقرب الأوقات. وهكذا ودع مطلقته حميدة وأرسلها إلى قريته حزينة ذليلة. وقبل مغادرة البلاد، ودع والديه العجوزين اللذين لم يرضيا على سفره المفاجئ إلى أرض الغربة وتمنيا أن يمكث ولدهما قريبا منهما.
وسافر الأديب عبر الباخرة إلى فرنسا واستقر أياما في مرسيليا ريثما ينتقل إلى باريس. ولكنه لما رأى فتاة في إحدى فنادق مارسيليا اندهش لجمالها وعذوبة لسانها فارتمى في أحضان حبها وانغمس في الشهوات ولذة الخمر وكل المحرمات، ولم يستطع الصبر و الابتعاد عن "فرنند" خادمة الفندق التي يتخيلها كثيرا في أحلام اليقظة والمنام وفي هذياناته الشبقية.
وتأخر الأديب كثيرا في اللحاق بباريس رغبة في استكمال متعته والاستمتاع بفاتنته الجميلة التي تختلف اختلافا جذريا عن زوجته حميدة في مصر.
وعندما التحق بباريس أظهر خبرة عالية وتفانيا كبيرا في الدروس والحضور إلى جانب أساتذته، لكن سرعان ما سيدفعه تهوره اللاأخلاقي إلى التقاعس والكسل والخمول والغرق في المسكرات والاستمتاع الشبقي، وسيصاب بعد ذلك بالجنون والهذيان وكثرة الأمراض العضوية والنفسية التي بدأت تنتابه في كل لحظة، وازدادا حيرة وجنونا مع اشتداد الحرب على باريس، ومطالبة الحكومة المصرية لأعضاء البعثة بالرجوع فورا إلى البلد إلى أن تستقر الأمور المالية والسياسية وتضع الحرب أوزارها. لكن الأديب امتنع عن الانصياع لأوامر السلطة الحكومية، وبقي في فرنسا يبحث عن لذته الأبيقورية بين كؤوس الخمر وسيقان المتعة والافتتان.
بعد هذه البعثة الأولى، سترسل الحكومة المصرية دفعة أخرى وسيكون الكاتب ضمنها، وعندما سيصل إلى باريس سيندهش كثيرا للوضع الذي آل إليه صديقه الأديب الذي أودت به الأيام إلى الجنون وفقدان العقل وأصبح لا يغادر المصحات النفسية والعضوية، وقد يئس الأطباء من شفائه وسلامته.
ومن هنا سيخسر الأديب زوجته حميدة التي طلقها وتركها تنتظره على جمر اللظى والأمل الخادع حتى يستكمل دراسته، كما ترك والديه يتعذبان ويشتاقان إليه كثيرا وهو لايكن لهما أي شيء من الطاعة والحب والاحترام، بعد أن أودت به الغربة الذاتية والمكانية إلى عالم الشهوة والجنون، و ضيع كذلك مستقبله ودراسته وحياته العلمية لما استسلم لدواعي الخمرة وغرائز الجسد وانساق وراء انفعالاته النفسية ورغباته الشبقية.

6- رهـــان السيرة:

يؤشر رهان هذه السيرة على كون الكثير من المثقفين العرب في بداية القرن العشرين انبهروا كثيرا بحضارة الغرب وانساقوا وراء نزواتهم وكانت رؤيتهم بالتالي للغرب على أنه رمز للحرية والعلم والتقدم والإشباع الغريزي لكل المكبوتات الدفينة، وهذا ما عبرت عنه الكثير من الروايات العربة كرواية "الحي اللاتينى" لسهيل إدريس و"موسم الهجرة للشمال" للطيب صالح و"عصفور من الشرق" لتوفيق الحكيم و"الأيام" لطه حسين و"قنديل أم هاشم" ليحيى حقي. ومن ثم، تصور هذه الرواية البيوغرافية الصراع الحضاري بين الشرق والغرب، والتقابل بين عالم الكبت وعالم التحرر، وبين عالم التخلف وعالم التقدم، وبين الانحطاط الحضاري والرقي المدني. لذلك كان ينظر الأديب إلى مصر وزوحته حميدة بنظرة تغاير نظرته إلى فرنند وفرنسا. إذاً، هناك جدلية وتفاوت بين هذين الفضاءين حتى إن الأديب لم يرتض العودة إلى بلده لما قامت الحرب على فرنسا، وكان يتمنى الدفاع عن هذا البلد في وجه النازية؛ لأن هذا البلد يقترن في ذاكرته بالحب والحرية والإشباع الشبقي، أما بلده فيقترن بالكبت والحرمان وصعوبة المسؤولية.

7- المقومات القصصية والسردية:

أ- الحبكة السردية:
تنبني حبكة هذه السيرة التي سنتعامل معها كنص روائي على خمسة مقومات رئيسية منها البداية التي تظهر لنا الأديب في وضعية الرجل الكفء و المثقف الموسوعي في مجال العلم والمعرفة على الرغم من صورته البشعة المقززة، والعقدة التي تتمثل في انصرافه عن زوجته حميدة وعائلته وبلده بحثا عن العلم لتحقيق حياة مستقبلية سعيدة. أما الصراع فيتجلى في مواجهة الأديب لذاته وتصديه للعراقيل التي تكاد تمنعه من السفر إلى الخارج ومحاولته الجادة لإقناع والديه بما قد عزم عليه، وفشله أمام الحب الشديد الذي كان يكنه لخادمة الفندق بمرسيليا ومجابهته للجهل والحرب، وفشله أمام مرضه الهستيري الذي أصيب به من جراء انحرافه سلوكيا وإفراطه في السهر والشرب والانحلال الأخلاقي. ويكمن الحل في الانعزال والانطواء على النفس في المستشفيات النفسية بحثا عن العلاج والراحة، وتختم السيرة بنهاية تراجيدية تتمظهر في إصابة الأديب بلوثة الحمق والجنون.
ب- خصائص الشخصيات في السيرة:
ومن أهم الشخصيات الموجودة في النص نذكر الشخصيتين المحوريتين: الأديب و الكاتب، فشخصية الأديب شخصية محورية أساسية دينامكية ومركبة ونامية؛ لأنها تتغير حسب إيقاع النص الروائي السيروي، إذ ننتقل من شخصية ذات باع في الأدب والشعر تهتم بالعلم والثقافة وتقرأ الكثير إلى شخصية ظالمة للزوجة وعاقة لوالديها لينتهي بها المطاف لتكون شخصية منحطة مصابة في عقلها بعد انحرافها وتدهور أخلاقها واستسلامها للشهوات والغرائز المادية. أما الكاتب فشخصية بسيطة تحافظ على نفس إيقاعها ودماثة أخلاقها، ولم تنبهر بحضارة فرنسا كما انبهر بها الأديب ولم تنغمس في ملذات الدنيا كما انغمس فيها الآخر، لذلك نجد شخصية الكاتب شخصية مغايرة ومقابلة للشخصية الأولى التي سقطت في الرذيلة والدنس الأخلاقي. ومن ثم، يحاكم طه حسين كل أديب يفرط في رسالة الأدب ويحولها إلى وجهة غير صحيحة، حيث يقرن مهمة الأدب بسوء الأخلاق والارتماء في أحضان الموبقات والتخلي عن مقومات التربية الإسلامية الصحيحة. وما ينبغي أن نأخذه من الغرب حسب المؤلف هو العلم والتكنولوجيا والفكر، وألا نأخذ السلبيات ونسقط في مهاوي الشر والدناءة والرذيلة باسم الأدب والشعر. وهذا يذكرنا بمصير كثير من الكتاب الغربيين والعرب الذين أودى بهم المآل إلى الحمق والجنون والانتحار والموت مثل: بودلير وريمبو وهمنغواي ونتشه وخليل حاوي....ولكن التحلل من الأخلاق والعربدة والمجون والتسكع في الشوارع لايخلق الأدب ولا يسمو برسالة الأديب أو يعلو بها، بل على العكس يقدم صورة مشوهة قاتمة تسيء إلى الأدب ويصبح بذلك نقمة وعارا على صاحبه وعلى مريدي الأدب والفن.
وإذا كانت شخصية الكاتب مثالية في نبل أخلاقها وطيبوبة محتده وكرم سلوكه، فإن الأديب عبارة عن شخص عابث لا يبالي بالآخرين وخاصة زوجته حميدة التي همشها وطلقها بكل سهولة كأنها لعبة سريعة التخلص منها في أي وقت يريد فيه أن يتخلص من ذويه، والتمادي كذلك في الابتعاد عن والديه العجوزين اللذين يتشوقان إلى رؤيته ويتمنيان أن يكون ابنهما قريبا منهما. من هنا، فأديبنا شخصية أنانية وذميمة في كل شيء، لذلك فأوصافها البشعة الدنيئة تدل على طبائعها الأخلاقية أيما دلالة.
وثمة شخصيات ثانوية وعابرة أخرى يستحضرها المؤلف داخل السياق الروائي السيروي كالخادم الأسود وحميدة والوالدين وفرنند وأخ الكاتب، وهذه الشخصيات لها دور تكميلي وهامشي حيث يستدعيها الكاتب كعوامل مساعدة عبر صور التذكر والاسترجاع والاستيحاء كما يسترجع شخصيات تناصية أدبية أخرى كأبي العلاء المعري والمتنبي والأخطل وموسيه...
ت- الفضاء الروائي في السيرة:
ويتقابل في هذه السيرة فضاءان متناقضان: فضاء مصر وفضاء فرنسا، فالفضاء الأول يمثل بالنسبة للأديب فضاء التخلف والانحطاط والكبت والحرمان والتقاليد الموروثة البالية، في حين يمثل له فضاء فرنسا الحضارة والتقدم والرقي والعلم والأدب الحقيقي، و يجسد له أيضا الحرية والإشباع الغريزي والارتماء في أحضان اللذة والشهوة المادية الإيروسية. كما تمثل له فرنسا كذلك الجمال والاستقرار الروحي والارتواء بالحب الفاتن والسعادة الشبقية الدنيوية.
ويعكس هذا التداخل الجدلي بين فضاء منغلق وفضاء منفتح الصراع الحضاري بين الشرق والغرب والأصالة والمعاصرة والهوية والاغتراب والمادة والروح. ومن ثم، تبقى صورة الأوربي لدى المثقف الشرقي المنبهر مثل هذا الأديب صورة إنسان متقدم يمتلك العلم في نفس الوقت يمتلك الجسد والجمال وهذا مالا يوجد في الشرق. إن هذه الصورة انبهارية سطحية ترى الغرب على أنه كله إيجابيات، وتغفل الجانب السلبي الذي يتمثل في انهيار الأخلاق وانتشار الرذيلة والفاحشة وتردي الإنسان الأوربي ومعاناته من الفراغ الروحي.
كما يتقابل داخل فضاء مصر: فضاء المدينة (القاهرة) بمؤسساتها العمومية والرسمية والخاصة وشوارعها المليئة بالحركة والازدحام، وفضاء البادية الذي تغير أيما تغير بفعل الحضارة والمدنية الجديدة حيث شوهت معالم البادية المصرية وأتت على كل ما هو جميل في ذاكرة الكاتب.
ث- المنظور السردي:
وعلى مستوى المنظور السردي، نلاحظ تنوعا وانتقالا من المنظور الصفري الموضوعي المحايد إلى المنظور الذاتي الداخلي، كما ينتقل الكاتب من ضمير الغياب إلى ضمير التكلم والعكس صحيح كذلك، وبذلك تختلف مستويات المعرفة والحكي حسب كل منظور، ففي الرؤية الداخلية تتساوى معرفة كل من الراوي والشخصية، وفي المنظور الصفري تعلو معرفة السارد على معرفة الشخصية.
ومن مميزات الرؤية السردية في سيرة "أديب" أنها قائمة على خاصية الالتفات على عادة طه حسين في سيره وخاصة سيرة "الأيام" التي ينتقل الكاتب فيها من ضمير الغائب إلى ضمير المتكلم. ولكن الهيمنة في هذا النص للرؤية "مع" الداخلية الذاتية التي يتساوي فيها السارد والشخصية على مستوى المعرفة.
ويستهدف السارد في هذا النص السرد والتبليغ والتنبيه والتصوير والتنسيق بين الشخصيات والوصف والتشخيص وإدانة كل المثقفين والأدباء الذين ينبهرون بالحضارة الغربية عن جهل ودون وعي، وينساقون وراء غرائزهم وشهواتهم الدنيئة حتى يصابوا بلوثة الحمق والجنون والضياع والهلاك والموت.
ث- بنية الزمن السردي في السيرة:
ويتخذ الزمن في الرواية إيقاعا استرجاعيا، لأنه يقوم على الذاكرة وفلاش باك واستعادة الزمن المفقود والذكريات الدفينة. ومن ثم، فالزمن في النص زمن هابط على الرغم من كرونولوجية الأحداث وتعاقبها في مسار النص. ويعني هذا أن الكاتب ينطلق من حاضر الكتابة ويعود إلى الماضي ليستقرىء تجربة الأديب في صراعه مع نفسه ونزواته والواقع الذي يحيط به. ويشاركه في هذا الاستذكار الكاتب الذي يحيي فترة من حياته على مرآة صورة الآخر المقابل، ولكنه شبيهه في الهوية والدين والمكان.
وعلى الرغم من تواتر الأحداث وتعاقبها الكرونولوجي، إلا أننا نلاحظ توقفا كبيرا في مسار إيقاع الأحداث بسبب الوقفات الوصفية المملة المليئة بخاصية الإسهاب والاستطراد. ومن هنا يمكن تلخيص الرواية في ورقتين أو ثلاث ورقات على الأكثر، ولولا هذا الاستطراد والوصف الممل والمشاهد المقحمة لكان النص في صيغة أجناسية وأدبية أخرى. وهكذا نلاحظ أن الكاتب يحشو سيرته بالرسائل الطويلة والكتابات المسهبة والمذكرات المسترسلة، وكل هذا حشو في حشو واستطراد متشعب كان على الكاتب أن يتفاداه ويتجنبه، ناهيك عن الإكثار من التكرار الأسلوبي والتمطيط فيه تطويلا وتشعيبا وتوسيعا مع استخدام أساليب الانفعال والإنشاء التي يستعملها الكاتب كأنه يكتب مقالا إنشائيا يظهر فيه الكاتب فصاحته وبلاغته ومقدرته الإبداعية وكفاءته السردية والبيانية. وإلى جانب الإيقاع البطيء الناتج عن الوقفات الوصفية والمشهدية، فإن هناك إيقاعا سريعا يتمثل في الحذف لسنوات من الزمن في جملة ورقية كما في هذا المثال النصي: "وانقضى العام الأول والثاني والثالث من حياتنا في الجامعة على هذا النحو، لم يتقدم هو في درس المنطق ولم أتقدم أنا في درس الفرنسية، ولكننا تقدمنا في إدارة هذه الأحاديث الطويلة المختلفة التي تلم بكل شيء ولا تكاد تتقن شيئا، ولكنها تفتح القلوب لألوان من العواطف وتهيئ النفوس لضروب من الخواطر، وتغير الطريق التي كان كل واحد منا قد رسمها لنفسه في الحياة". [4]
وإذا كان الزمن استرجاعيا فهناك أيضا الزمن الاستشرافي الذي يحيل على أحلام المستقبل وتطلع الشخصيات إلى الغد السعيد من أجل تغيير أوضاعها التي هي عليها الآن: "كان يريد أن ينفق حياته موظفا يثقف نفسه ثقافة جديدة في كل يوم ويلتمس لذته في القراءة والكتابة والحديث. فأصبح أشد الناس بغضا لديوانه وزهدا في عمله، ورغبة في أن يهجر مصر ويعبر البحر إلى بلد من هذه البلاد التي يطلب فيها العلم الواسع والأدب الراقي، وتتغير فيها الحياة من جميع الوجوه. وكنت أريد أن أكون شيخا من شيوخ الأزهر مجددا في التفكير والحياة على نحو ماكان يريد المتأثرون للشيخ محمد عبده أستعين على ذلك بما أسمع في الجامعة، وما أقرأ من الكتب المترجمة، وما أجد في الصحف، وما أتلفظ من أحاديث المثقفين، فأصبحت وأنا أشد انصرافا عن الأزهر، ونفورا من دروسه وشيوخه، وحرصا على أن أهجر مصر وأعبر البحر إلى بلد من هذه البلاد التي يطلب فيها العلم الواسع والأدب الراقي وتتغير فيها الحياة من جميع الوجوه ولم يكن لصاحبي ولا لي إذا التقينا حديث إلا هذه الهجرة وأسبابها وإلا هذه الأحلام العريضة البعيدة التي لا حد لها، والتي تستأثر بنفوس الشباب حين يفرضون على أنفسهم بلوغ غاية بعيدة شاقة. حين تخيل إليهم آمالهم أن بلوغ هذه الغاية أمر يسير". [5]
نلاحظ في هذا النص مجموعة من الأحلام والآمال المستقبلية التي يستشرفها كل من الكاتب والأديب وهي رهينة بمصداقية الواقع في المستقبل الذي قد يصدقها أو يكذبها.
ح- مميزات الأسلوب في السيرة:
وإذا انتقلنا إلى أسلوب سيرته الروائية "أديب"، فنجد الكاتب يشغّل السرد بكثرة، كما يستعين بالحوار عن طريق اللجوء إلى المناظرة الأسلوبية التي تتجلى في الردود التي يسجلها الأديب على تساؤلات الكاتب واستفساراته والتواصل معه. فاستعمال الكاتب للمذكرات واليوميات والرسائل هو نوع من الكتابة الحوارية وهي سمة من سمات الحجاج والإقناع والمناظرة والجدل الثقافي والمنطقي.
ويوظف الكاتب إلى جانب المناجاة والحوار الداخلي الأسلوب الفانطاستيكي القائم على التحول الغرائبي والامتساخ الساخر:
"ولست حمارا ياسيدي مهما يكن رأيك في وفي ذلك الشيخ، أو قل كنت حمارا قبل أن أعبر البحر، فلما دخلت هذا الفندق، وصعدت إلى هذه الغرفة وأويت إلى هذا السرير، وانغمست في فراشه الوثير، وأدركني ما أدركني من النوم العميق، وأيقظتني هذه الفتاة ذات الوجه المشرق والثغر المضيء والحديث الحلو والروح الخفيف، نظرت فإذا لم أبق حمارا، وإذا أنا قد مسخت إنسانا أو قل صورت إنسانا إن كلمة المسخ لا ترضيك، ولكني على كل حال قد دخلت النوم حمارا وخرجت منه إنسانا يحس ويشعر ويعقل ويذوق لذة الجمال ويعرف كيف يستمتع بسحر العيون." [6]
وتتسم كتابة طه حسين في هذه السيرة بنصاعة البيان وفصاحة الألفاظ وبلاغة الأسلوب والإكثار من التكرار اللفظي واستخدام اللازمة الانفعالية وأساليب الإنشاء الموحية الدالة على التفجع والتحسر والتأسف، كما أكثر الكاتب من المفعول المطلق على غرار كتابات مصطفى المنفلوطي وأطنب كثيرا في الشرح والتفسير، وأسهب في الوصف والتصوير.
هذا، وتمتاز الكتابة البيانية عند طه حسين بمتانة السبك وصحة النظم الفني وجريانها على أصول اللغة العربية واستخدام التصوير المجازي والتجسيد البلاغي وترجيح كفة البيان على البديع وإسقاط الخصوصية الذاتية على الكتابة تلوينا وانفعالا وإحساسا حسب السياقات النفسية والموضوعية. كما تتسم الكتابة بجزالة اللفظ والإسهاب والاستطراد والترادف والتأكيد المصدري والاستعانة بالأساليب استفهاما وتعجبا وإنكارا واشتراطا واستثناء وندبة.
وإليكم نموذجا يبين لنا مقومات الكتابة البيانية لدى طه حسين الذي يعد من رواد المدرسة البيانية في النثر العربي الحديث في القرن العشرين إلى جانب مصطفى لطفي المنفلوطي ومصطفى صادق الرافعي وشكيب أرسلان ومحمد عبده و إبراهيم اليازجي وحسن الزيات وغيرهم، وهذه المدرسة امتداد للمدرسة البيانية القديمة التي كان يتزعمها الجاحظ والجرجاني وأبو حيان التوحيدي:
"يا للحزن والأسى، ياللوعة والحسرة، يا لليأس والقنوط. أيبلغ العنف بالزمان أن يمحو هذا المقدار الضخم من حياة الناس في أعوام قصار، لقد جد جيل وجيل في إقامة معمل السكر وإقامة ما حوله من الدور، بل من القرى. لقد عاش جيل وجيل، بهذا المعمل ولهذا المعمل، لقد عاش جيل وجيل بهذه القناة ومن هذه القناة. فكل هذا الجهد، وكل هذا العناء وكل هذه الذكرى، وكل ماكان على شاطئ القناة وحول معمل السكر من جد وهزل ومن لذة وألم، ومن حب وبغض، ومن أمل ويأس، ومن مكر ونصح، ومن خداع وإخلاص، كل هذا يذهب في أعوام قصار لا تكاد تبلغ عدد أصابع لليد الواحدة، كان شيئا من هذا لم يكن، وكان نفسا لم تتأثر بما أثارته الحياة في هذه الأرض من العواطف وكان شفة لم تبتسم لما أنبتته هذه الأرض من أسباب الحزن والأسى. يا للحزن اللاذع، يا للألم الممض، ويا لليأس المهلك للنفوس! لقد ماتت قناتنا أيها الصديق" [7]
نستنتج من خلال هذا المقطع النصي أن المدرسة البيانية لدى طه حسين تمتاز بتنويع الأساليب الإنشائية كأن الكاتب يكتب قصيدة شعرية أو قصيدة منثورة يستعمل اللازمة النثرية الدالة على التحسر والتفجع، ويشغل التكرار بكثرة والتوازي التركيبي والتتابع والازدواج في توظيف الجمل والإطناب في توسيع الفكرة وتمطيطها. كما يستعمل الكاتب الصور البلاغية من تشبيه واستعارة ومجاز وكناية والمحسنات البديعية من سجع وطباق ومقابلة وترادف وتكرار والتماثل الصوتي والتجانس الإيقاعي.
وقد وظف الكاتب عدة خطابات في نصه الروائي هذا منها: خطاب السيرة وخطاب الامتساخ وخطاب الرسائل وخطاب المذكرات وخطاب اليوميات وكل هذا لإثراء نصه بالتنوع اللغوي والتعددية الأسلوبية.
ج- الوصف في السيرة:
التجأ الكاتب إلى الوصف لتصوير الشخصيات والأمكنة والأشياء والوسائل لنقل عالم الحكاية وتجسيده في أحسن صياغة فنية. ويمتاز وصف الكاتب بالاستطراد والإسهاب والتطويل على غرار الكتاب الواقعيين أمثال: فلوبير وبلزاك وستندال وإميل زولا ونجيب محفوظ وعبد الرحمن منيف.
وقد بدأ الكاتب سيرته باستهلال روائي وصفي يشخص فيه صديقه الأديب لينتقل بعد ذلك لعرض الأحداث السردية لينهي نصه بعرض مأساة الأديب ونهايته الفظيعة بعد حياة بوهيمية عبثية في حضن الجمال وغواية السكر ومفاتن الجسد وخمول العقل.
ويلاحظ على وصف طه حسين للأديب أنه وصف كاريكاتوري بشع يشمل الداخل والخارج حيث يلتقط المساوئ والعيوب بدقة متناهية قصد استدراج القارئ لمشاركته في الحكم بالسلب على هذه الشخصية الدنيئة التي لاتمت بصلة إلى الأدب مادام قد ظلم الأدب وزوجته ووالديه ووطنه كما في هذا المقطع الوصفي الساخر:"كان قبيح الشكل نابي الصورة تقتحمه العين ولا تكاد تثبت فيه، وكان على القصر أقرب منه إلى الطول وكان على قصره عريضا ضخم الأطراف مرتبكها كأنما سوي على عجل، فزادت بعض أطرافه حيث كان يجب أن تنقص ونقصت حيث كان يحسن أن تزيد. وكان وجهه جهما غليظا يخيل إلى من رآه أن في خديه ورما فاحشا. وكان له على ذلك أنف دقيق مسرف في الدقة، منبطح غال في الانبطاح، قد اتصل بجبهة دقيقة ضيقة لا يكاد يبين عنها شعره الجعد الفاحم.
لم تكن تقدمت به السن، بل لم يكن جاوز الثلاثين، ولكن علامات الكبر كانت بادية على وجهه وقده لايخدع عنها أحد. كان على قصره مقوس الظهر إذ قام، منحنيا إذ جلس، ولعل إدمانه على الكتابة والقراءة، وإسرافه في الانحناء على الكتاب أو القرطاس هما اللذان شوها قده هذا التشويه. وقلما كان وجهه يستقيم أمامه، إنما كان منحرف العنق دائما إلى اليمين أو إلى الشمال، وقلما كانت عيناه الصغيرتان تستقران بين جفونه الضيقة، إنما كانتا مضطربتين دائما لا تكادان تستقران على شيء حتى تدعاه مصعدتين في السماء، أو تنحرفا عنه إلى مايليه من أحدى نواحيه". [8]
ولقد كان طه حسين في وصفه للأديب كاتبا لاذعا هاجيا يعتمد على السخرية والتشويه الكاريكاتوري في تصوير الشخصية ورصدها فيزبولوجيا منتقلا من العام إلى الخاص. أي يصور بريشته الواصفة الشكل الخارجي فالوجه ثم الصوت، وقد كان دقيقا في وصفه ومتفننا في التجسيد والتشخيص.
وبعد الوصف الخارجي، ينتقل الكاتب إلى الأحداث والأفعال السردية لينقل لنا مواصفاته الأخلاقية ونفسيته وطبيعة تفكيره ليقدمها لنا في الأخير على أنها شخصية سمجة قبيحة متدنية في سلوكها ومنحطة في قيمها، كما تعبر قسمات الشكل على العموم عن طبيعة الشخصية. أي إن المظهر الخارجي علامة سيميائية تدل على طبائع الشخصية وسماتها النفسية والأخلاقية.
وانتقل الكتب بعد ذلك ليصف الأفضية والأمكنة فوصف لنا بيت الأديب وبيت الكاتب الضيق، كما وصف لنا مدينة القاهرة في ازدحامها واكتظاظها بالسكان، والجامعة بمحيطها وحرمها ومدرجاتها، ونقل لنا البادية بفظاعتها وجفافها وتغير معالمها، كما رصد لنا فرنسا بأفضيتها الحضارية الدالة على الثراء والجمال والتطور العمراني والثراء الحضاري والمادي.
ولم ينس الكاتب أن يصف بعض الوسائل كالعربة التي كانت تنقل الكاتب مع الأديب في صحبة الخادم الأسود إلى بيته وإلى عدة أماكن في القاهرة المزدحمة بالناس، والباخرة التي كانت تعبر البحر الأبيض المتوسط متجهة بالأديب إلى فرنسا.
وعليه، فإن الوصف لدى الكاتب يتسم بالتطويل والروتين الممل من شدة الإسهاب والاستقصاء والتفصيل.
خ- البعد الاجتماعي في السيرة:
تحيل هذه السيرة سوسيولوجيا على مصر في انتقالها من الانتداب الإنجليزي إلى عهد الملكية الخديوية بعد ثورة سعد زغلول 1919م، وما حدث من تغيرات على المستوى الاقتصادي وخاصة في البادية المصرية ومدينة القاهرة التي بدأت تعرف تحولات ديمغرافية واجتماعية. كما تبين لنا انفتاح الحكومة المصرية على الجامعة الحديثة، وإرسال البعثات إلى الخارج لاستكمال الدراسات الجامعية العليا. وتبين لنا السيرة كذلك وضعية التعليم في الأزهر الذي يحتاج إلى تجديد وتغيير لمناهج التدريس بهذه المؤسسة الدينية التي مازالت تدرس فيها الكتب الصفراء بطريقة تقليدية؛ مما آل بالوضع التربوي في الأزهر لأن يستلزم التغيير والإصلاح الفوري كما تؤشر على ذلك دعوة محمد عبده.
وتشير السيرة كذلك إلى ظروف الحرب العالمية الأولى وآثارها البشعة على الإنسان الأوربي والإنسان العربي، ناهيك عن تصوير مدى اهتمام جيل من المثقفين في مطلع القرن العشرين بالأدب إلى درجة الحب والشغف والجنون وإقبالهم على الجامعات الحديثة للاستفادة من المناهج الحديثة والأفكار الجديدة. ومن ثم، تصور السيرة الروائية فئة من الأدباء العرب الذين تركوا بلدانهم وذهبوا إلى الخارج فانبهروا بأوربا وانغمسوا في الملذات وافتتنوا بجمال النساء الشقراوات وبريق سيقانهن وسقطوا في الرذيلة ومهاوي الخطيئة ونسوا العلم وعادوا إلى بلدانهم إما حمقى مجانين وإما بدون شواهد علمية تذكر وإما حصلوا عليها بصعوبة تذكر كما هو حال توفيق الحكيم الذي فشل في دراساته القانونية وعاد حاملا لواء الفن والمسرح والقصة، و بطل سهيل إدريس في روايته" الحي اللاتيني" الذي لم يحصل على شهادة الدكتوراه إلا بشق الأنفس وله بطبيعة الحال مقابله الموضوعي في الواقع الخارجي.
د- البعد النفسي في السيرة:
ينقل لنا الكاتب من الوجهة السيكولوجية شخصية أديب مهووس بحرفة الأدب، ولكنها شخصية مختلة ستصاب بهستيريا المجون وتضخم الذات. ورغبة في تحقيق ذاته، سيدوس هذا الأديب على القيم التي كان يؤمن بها حيث يظلم زوجته حينما طلقها بكل برودة دون أن يحس بها أو يشعر بكيانها الداخلي ولم يفكر إطلاقا كيف ستكون وضعيتها وصورتها بعد الطلاق في القرية التي ستعود إليها، بعد أن اختارته زوجا لها ورفضته الشابات الأخريات،كما كان عاقا لوالديه عندما تخلى عنهما من أجل أن يبحث عن مستقبله وحريته الشخصية لإفراغ مكبوتاته الشبقية في بلد الأجساد والسيقان، في فرنسا الحضارة والفتنة والجمال والغواية التي جردت الأديب من كل مقومات أصالته وجرته إلى مستنقع الفساد والدناءة عندما بدأ يسهر الليالي مع خمرة النسيان مفتتنا بجمال الأجساد وشهد الأحلام الوردية والحب الرومانسي الخادع.
هذا، وقد دفعت الذمامة والقبح أديبنا إلى العزلة والانطواء، فلم يجد صديقا وفيا في عالمه إلا كاتبنا الذي كان يستصحبه معه إلى بيته ويحكي له كل ما يكابده ويعانيه. وقد دفع الحرمان النفسي الناتج عن الاستعمار وتسلط الحكومة الخديوية والإحساس بالنقص شخصية الأديب لتثور ثورتها على أقرب الناس إليه وهي زوجته؛ لأن حميدة تقيده بتقاليدها البدوية، وبقاؤه في مصر يذكره بالنقص. لكن فرنسا هي الملاذ الوحيد لوجوده والمكان المفضل للتحرر الإيروسي واستكمال ذاته من خلال الارتماء في أحضان الكأس والمرأة وغواية الشيطان. ومن ثم، فشخصية أديب هي شخصية مرضية معقدة تعاني من النقص وتحاول تعويضه باكتساب العلم وإظهار الثقافة واحتراف الأدب. وقد أدى هذا الإحساس المبالغ فيه نفسيا بأديبنا إلى الحمق والجنون والإصابة بلوثة الهستيريا وذوبان الذات من كثرة الانفعالات والأحاسيس المبالغ فيها.

تركيب استنتاجي:

إن" أديب" لطه حسين سيرتان متكاملتان: سيرة ذاتية خاصة بالكاتب وسيرة غيرية متعلقة بالأديب، وفي نفس الوقت هي رواية فنية تعتمد على التخييل والالتفات والتشويق والاستطراد والاهتمام بنصاعة البيان وبلاغة التصوير ؛ وهذا ما يجعل طه حسين من رواد المدرسة البيانية في الأدب العربي الحديث. كما أن هذه السيرة إدانة لجيل من المثقفين العرب الذين قصدوا أوربا بحثا عن العلم واستكمالا لدراساتهم العليا، فانبهروا بحضارة الغرب، ولكنهم بدلا من أن يستفيدوا من العلوم والمعارف والآداب سقطوا في الغواية والرذيلة وفتنة الخطيئة. و بالتالي، فرطوا في أعزما يملكون من قيم وفي كل ما يمت بصلة إلى الشرق، لينغمسوا في بوتقة الشر والإفساد والسقوط في فتنة الغرب والإيمان بفلسفته المادية وأفكاره المنحلة.

عبدالله بن الزبير..


قادما من مصر ببشارة النصر، من واليها عبدالله  بن أبي سرح، إلى الخليفة  عثمان بن عفان، يروى ما تم فى غزو أفريقيا "تونس 27هـ فأعجب الخليفة بقوله، فأخذه إلي منبر مسجد رسول الله  وقال له: أقصص عليهم ما أخبرتنى به..

تلكأ الشاب قليلاً، فأمسك الزبير بن العوام "والده" ببعض من حصى أرض المسجد، يهم بضرب الابن المتلجلج، يقول فى نفسه ألم يجد عثمان إلا غلاما يبلغنا بما حدث؟ فإذا الابن يتحدث، بل وينطلق فيعجب جميع الحاضرين، ولم يستطع الأب إخفاء فرحته، فقام ليمسك بيد ابنه فاخراً، يقول للحاضرين.. من أراد أحدكم أن يتزوج امرأة.. فلينظر أبيها وأخيها.

وماذا ينتظر من شاب
جده لأمه.. أبوبكر الصديق
وأمه أسماء ذات النطاقين
وخالته عائشة زوج النبى

وجدته صفية بنت أبى طالب.. التى علمت الأب الشجاعة والفروسية منذ نعومة أظفاره، وهى التى دافعت عن نساء المسلمين فى موقعة الخندق "٧هـ" عندما هاجم أحد اليهود القلعة التى جمعهن فيها رسول الله، ليحميهن.. فتجرأ بعض اليهود ليلا على تسلقها، ونجح واحد منهم فى ذلك، فقامت على الفور بقطع رقبته بالسيف، ثم أخذتها وألقتها على المهاجمين فى الخارج.. فهربوا.

والده فارس الإسلام، وأحد أوائله، وفدائى كل معاركه، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد ٦ اختارهم عمر بن الخطاب.. ممن مات رسول الله وهو راضى عنهم.. ليختاروا خليفة المسلمين من بعده منهم.. وانتهى الاختيار إلى عثمان بن عفان

وعبدالله بن الزبير.. أول مولود للإسلام فى  المدينة المنورة تربى فى حجر النبى، بزياراته لخالته عائشة
وأحد فرسان الإسلام،  وحتى نهايته قتيلا على يد الحجاج بن يوسف الثقفى عام 73هـ.

حين جاء ببشارة النصر كان فى سن 27 عاما  لم يتأخر عبدالله عن الجهاد فى سبيل الله يوماً، وقد ظهر اسمه  لأول مرة عندما حضر مع والده، توقيع الاتفاق ما بين عمرو بن العاص والمقوقس عظيم القبط على الصلح والجزية عام 21هـ

له ووالده منزل فى مدينة الفسطاط و آخر فى الإسكندرية، وكان يأتى لهذين المنزلين، لمتابعة أملاك والده  أو المشاركة فى الجهاد، منهم عام 27هـ لغزو تونس، ثم عام 34هـ لغزو النوبة، ثم معركة ذات الصوارى البحرية "فى نفس العام 34هـ".

وماتزال قبائل العبابدة في صحراء مصر الشرقية يفخرون حتى الآن بأنهم أحفاد عبدالله بن الزبير، لأنه كان ضمن جيش الإسلام لفتح صحراء مصر الشرقية "جيش العبادلة" لكثرة وجود أبناء الصحابة به، المسمون عبدالله، لكنهم ارتبطوا بابن الزبير يقولون إنه تزوج منهم وهم أحفاده.. وهو جدهم الكبير!

اختيار عبدالله بن سرح والى مصر له فى معسكر عثمان أو رجاله والذى سيدافع عن منزله بعد ذلك فى فتنة عام 35هـ.

 وبعد قتل عثمان واختيار على بن أبى طالب للخلافة، يقف عبدالله مع خالته عائشة ضد على، ومعه والده كذلك فى معركة الجمل عام 36هـ.

وقد رفض أن يترك والده أرض المعركة، بعد الحوار الشهير مع على بن أبى طالب الذى ذكره بحديث الرسول للزبير، بأنه سيقاتل "علىّ" يوما وهو ظالم له، فرد عليه.. نسيتها والله.. ولو تذكرتها ما خرجت!

فواجه والده.. أتخرج عن جُبن؟

أجابه: لا والله، لكن لم أعد أتيقن أين الحق، وخرج لكنه كان يستشعر نهايته، فأوصى ابنه بتسديد ديونه قبل توزيع الإرث على أشقائه "10 أولاد و٩ بنات" وزوجاته الأربع.

باع عبدالله بساتين والده وسدد ديونه ولم يوزع الميراث إلا بعد أن وقف فى موسم الحج على مدى أربعة مواسم يسأل إن كان هناك من له دين عند الزبير فليأتى ليأخذه، وبعدها وزع الميراث..

ووقف على الحياد فى صراع على ومعاوية ولم يخش معاوية فى فكرة توريث الحكم لابنه يزيد، إلا من عبدالله بن الزبير..

عندما تولي يزيد خلافة المسلمين  أعلن عبدالله بن الزبير نفسه خليفة متخذا مكة عاصمة له  ودار صراع بينهما، انتهى بحصاره فى الكعبة لمدة ٨ أشهر انتهى عند موت يزيد عام 64هـ فانسحبت قوات الأمويين وأن حاول قائدهم إقناع عبدالله بنقل عاصمته لدمشق ليؤيد هو ورجاله علي أن يكون لهم مناصب بعد ذلك لكن عبدالله رفض.

عندما رفض "معاوية بن يزيد" أن يتولى الخلافة بعد أبيه، ثم مات هو أيضا بعد 40 يوماً.. أعلن عبدالله نفسه خليفة وهو " فى سن 64 سنة" وحقق تأييدا فى المدينة ومكة والبصرة والكوفة ومصر، وبقيت دمشق التي كاد رجال الأمويين بها يبايعونه، لولا أنهم أقنعوا مروان بن الحكم بصفته شيخ قريش "64سنة" أن يعلن نفسه خليفة

نسب لمروان واقعة تزوير رسالة عثمان إلى والي مصر، لقتل زعماء القبائل الذين جاءوا ثائرين عليه، وطلبوا تعيين محمد بن أبى بكر واليا علي مصر، ووافقهم عثمان، لكنهم وجدوا الرسالة مع عبد فى الطريق، فعادوا ثائرين وانتهى الأمر بمقتل عثمان واندلاع الفتنة.

تولي مروان ولاية المدينة المنورة في عهد معاوية، ثم تولى شئون الحكم فى عهد يزيد، وعندما أعلن ابن الزبير نفسه خليفة وأمر بإخراج بنى أمية من المدينة ومكة خاف مران على أهله وأخذ طريق السفر إلى مكة ليبايع ابن الزبير ويأمن الأمويين، لكن قائده عبيدالله بن زياد لاقاه فى الطريق وأقنعه بإعلان نفسه للخلافة، وأن يضمن له البيعة.

فوافق الأميون وتزوج مروان من أرملة يزيد، على اتفاق أن يكون ابن يزيد "كان صبياً" ولياً للعهد، لكنه خالف ذلك بعد عام وأعطى الولاية لولديه عبدالملك وعبدالعزيز..

كانت مصر في البدء مع عبدالله بن الزبير، فقد خرج له عدد من "الخوارج"، المقيمون آنذاك فى منطقة "خربتا" إلى مكة، وبايعوه وجاءوا معهم بوالى من عنده هو "عبدالرحمن بن جحدم" والذى حكم مصر لمدة ٩ أشهر فقط، ولم يصمد أمام هجوم جيش ابن مروان الذى جاءه من اتجاهين.. أولهم من إيلات بقيادة ابنه عبدالعزيز، وهزم قوات زهير بن قيس هناك، واتخذ طريقه إلى مصر.

أما مروان نفسه فقد قاد الجيش القادم من ناحية رفح والعريش ليلاقى قوات مصر بقيادة السائب بن هشام الذي انسحب أمام مروان..

فشلت في تلك الإجراءات حملة بحرية قادها الأكدر بن حمام، من الإسكندرية إلى الشام.. ليهاجم أولاد وأسر بنى أمية ويهددهم بهم، فقد هاج البحر وأغرق السفن، وغرق الجنود لكن الأكدر استطاع النجاة والعودة لمصر ليواجهه بشراسة ومعه قبيلته "المعافير" لقوات مروان عند عين شمس..

فى عين شمس اجتمع جناحى جيش مروان ليقاتل جيش بن حجدم لمدة ٣ أيام بشراسة، ليبدأ مروان تنفيذ خطته لاغراء والى مصر بان يحفظ  له ولايته، دون إبلاغ ابن الزبير، ليعمل سرا معه، ويعطونه مقدارا كبيرا من المال مع هدايا من خيول وإبل وملابس، وطالت المفاوضات مما أتاح لفرسان مروان أن يتسللوا ويدخلوا الفسطاط من خلف جيش ابن جحدم، الذى هرب إلى الصعيد..

ويدخل مروان مصر أول جمادى 65هـ ويقتل الأكدر بن الحمام ومعه 80 من زعماء قبيلة المعافير ثم يوزع أموال بيت مال المسلمين في مصر على الزعماء والجند، ويعين ابنه عبدالعزيز والياً على مصر ويخرج من جديد إلى الشام.. يرسل طلائع جيشه لملاقاة مصعب بن الزبير الذى حاول استغلال فرصة انهماك مروان فى دخول مصر "حوالى ٦ أشهر" ليدخل دمشق عاصمة الأمويين، لكن جيشهم لحقه ودارت معركة انتهت بانسحاب مصعب..

وبموت مروان فجأة فى رمضان 65هـ ليتولى بعده ابنه عبدالملك بن مروان.. والذي أخذ يدير معارك غير منتهية مع مصعب بن الزبير، حتى انتهى الأمر عام 72هـ بأن قام عبدالملك بنفسه بقيادة جيوشه وملاقاة مصعب بعد رشوة زعماء القبائل حوله، فانسحبوا من أرض المعركة، وانتهى الأمر بمقتل مصعب..

وهنا يظهر قائد بنى مروان . الحجاج بن يوسف الثقفى الذى قاد هجوما للقضاء على ابن الزبير، بإرسال قوات من مصر عن طريق البحر الأحمر، ثم ينبع ومنها بريا حتى المدينة فيستولون عليها ليتقدم الجيش فى اتجاه مكة، ليلتقى هناك بقوات الحجاج القادمة عن طريق العراق، ويحاصروا ابن الزبير لمدة ٨ أشهر، يقذفون الكعبة بالمنجنيق، ويحرقونها، كما حرقت قبل ذلك فى حصار ابن الزبير أيام يزيد عام 64هـ وينتهى الأمر باقتحام الكعبة وقتل عبدالله بن الزبير وتعليق جثته لمدة ٣ أيام قبل أن يدفن وذلك فى 10 جمادى الأولى 73هـ ــ وكان فى سن 73 سنة ــ وماتت أمه أسماء بعده بحوالى أسبوع عن عمر يناهز 100 تقريبا.


Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More